الأربعاء، 29 يونيو 2011

هل تتقبل جانبك المظلم؟

اسمح لي أن أسألك السؤال التالي: إذا شاهدت سلبية ما في نفسك أو في غيرك أو في موقف معين، هل تتغاضى عنها وتتجاهلها وتحاول نسيانها؟ أم تتقبلها من باب أنها موجودة، وبالتالي تتعامل مع الواقع؟

إن كنت من النوع الأول، فاسمح لي أن أخبرك أنك ستظل عالقا في الوسط.

لماذا؟
لأنك تريد أن ترى الحياة بمنظارك أنت، وبناء على ما تريد أن تراه فقط. دون أن تدرك أن ما تراه ليس هو بالضرورة ما يحدث فعلا. لأنك مبرمج كي ترى الحياة بطريقة معينة (تذكر البرمجة اللغوية العصبية).

برفضك الجانب السلبي في نفسك وفي الحياة، أنت تفوت فرصة ثمينة لرؤية ما يحدث حقيقة لتتمكن من اتخاذ قراراتك بناء عليه. إذا تجاهلت أمرا ما تعتبره سلبيا\ أو أمرا ما هو سلبي حقا (فهناك فرق) فأنت تشبه الذي يريد العيش في النهار فقط، أو في الربيع فقط، ولا يتقبل باقي أوقات اليوم أو فصول السنة. كيف يكون حال مثل هذا الشخص المسكين؟

قد تعتبر نفسك شخصا عالي الأخلاق، ولكن هل تدرك نزعاتك إلى الشر؟ هل تعي تلك الأفكار التي تراودك كي ترتكب إثما؟

نعرف أننا جميعا تساورنا مثل هذه الأفكار، ولكن أغلبنا يختار أن لا ينصاع لها، في حين هناك من يقبلون عليها، فيرتكبون الشرور صغيرها وكبيرها.

ولكن هل تعلم أنك عندما تقبل السلبية في نفسك فأنت تثريها وتعيش حياة أكثر صدقا وواقعية؟

بالطبع لا أقصد أبدا أن تبادر إلى سوء العمل. ولكن بمجرد أن تكتشف فكرة شريرة أو سيئة في نفسك، راقبها، ولا تتصرف بناء عليها، شاهدها تماما كما تشاهد غروب الشمس. راقبها إلى أن تذوي. وراقب إحساسك يتحرك خلال جسدك إلى أن يضمحل ويختفي.

هكذا يكبر شخصك قليلا. وشيئا فشيئا تستطيع أن تشاهد نفسك تخرج من دوائر أنت عالق بها بسبب رفضك للسلبية والشر الموجود فيك.

ماذا عن العلاقات بين الناس؟

هل تعمد في تعاملك مع الآخرين التركيز على الإيجابيات فقط؟

إن كان هذا أسلوبك فأنت مرة أخرى تتجاهل قطعة كبيرة من النفس البشرية التي جبلت على الخير والشر ({ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا } * { فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا }(الشمس 8-9)
.

هل تظن أنك قادر على تقبل السلبية في الآخرين كما تتقبل ما هو إيجابي؟

لا يعني هذا أن تقبل السلوك السيء أو الخاطئ، ولكن أن تتقبل وجوده. فالاعتراف بوجود مشكلة هو الخطوة الأولى نحو الحل.

والتَّقَبُّل لا يعني مباركتنا لهذا السلوك، ولكن اعترافنا بوجوده فقط، وعندها نتعامل معه كسلوك، ولا نخلط بينه وبين الشخص.


في الفيديو التالي، يتحدث البروفيسور فيليب زبمباردو خلال مؤتمر TED عن ثنائية الخير والشر الكامنة فينا، ويعرض صورا للشر المطلق من سجن أبو غريب. ومن ثم ينتقل إلى الحديث عن الخيارات المتاحة أمامنا يوميا والتي من خلالها نقرر ماذا نكون، وحوشا أم أبطال.

البروفيسور فيليب زيمباردو
وأود أن أنوه أنه واحد من المواد التي قمت بترجمتها تطوعا لصالح TED.
http://www.ted.com/index.php/talks/philip_zimbardo_on_the_psychology_of_evil.html

ليست هناك تعليقات: